طرق علاج الوسوسة إنّ السلامة من فتنة الشيطان بالوسوسة في الإيمان والاعتقادات تكون بطريقتين:
الطريقة الأولى: وقائية:
وهي الاحتراز من الوسوسة قبل حصولها,
وذلك بالتحصن بالعلم والعكوف على مسائل التوحيد والإيمان, دراسة ومذاكرة, لأنّ الشيطان لا يجد السبيل سالكاً لتشكيك أهل العلم بالإيمان, فكلما أراد عدو الله أن يصرعهم صرعوه, وإذا شغب عليهم بوساوسه, ردوها عليه بما عندهم من الهدى والعلم ورجموه، "وَلَعالِـمٌ واحد أشدّ على الشيطان من ألف عابد", ومَن عرف الله تعالى من خلال صفاته ومخلوقاته, عظّم ربه حق التعظيم, وقَدَّره كل التقدير, ولا يزال أبداً يحسن الظن بمولاه حتى يلقاه.
الطريقة الثانية:علاجية:
إذا وقعت الوسوسة في النفس,دفعها المسلم المدرك, وأبطلها بستة أمور:
الأمر الأول: الكف عن الاسترسال في الوسوسة, والانتهاء عنها بقطع حبالها ومتعلقاتها, مستعيناً على ذلك بالاستعاذة بالله من شر الشيطان الرجيم, وذلك لما في الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يأتي الشيطان أحدكم فيقول: من خلق كذا وكذا حتى يقول له: من خلق ربك؟ فإذا بلغ ذلك فليستعذ بالله ولينته"(رواه مسلم) ،
والمعنى: إذا عرض له هذا الوسواس, فليلجأ إلى الله تعالى في دفع شره, وليعرض عن الفكر في ذلك, وليعلم أنّ هذا الخاطر من وسوسة الشيطان, وهو أن يسعى بالفساد والإغواء, فليعرض عن الإصغاء إلى وسوسته وليبادر إلى قطعها, بالاشتغال عنها. وهذا كما قال تعالى: (وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ . إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَواْ إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ )( سورة الأعراف: الآيتان 201,200
(.وفي الحديث عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنّ للشيطان لـمَّة بابن آدم, وللمَلَك لـمَّة, فأما لـمَّة الشيطان, فإيعاد بالشر وتكذيب بالحق, وأما لـمَّة الملك, فإيعاد بالخير, وتصديق بالحق, فمن وجد ذلك, فليعلم أنه من الله, فليحمد الله, ومن وجد الأخرى, فليتعوّذ بالله من الشيطان الرجيم".
فلا بد إذن من ضبط النفس عن الاستمرار في هذه الوساوس, لأنّ الأضرار والعواقب المترتبة على التسليم لهذه الوساوس وخيمة.
الأمر الثاني: لا يسأل أسئلة صريحة عن هذه الوساوس التي تدور بخاطره, أي لا يصرح بشيء من ذلك, فإنه في عافية, مادامت الوساوس محصورة في قلبه لم تنتقل بعد إلى لسانه, عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنّ الله تجاوز لأمتي عما وسوست ـ أو حدثت ـ به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم"(البخاري ).
الأمر الثالث: أن يقول إذا وجد الوسوسة بثبات جنان ونطق لسان: "آمنت بالله", وذلك لحديث: ((لا يزال الناس يتساءلون حتى يقال: هذا, خلق الله الخلق. فمن خلق الله؟ فمن وجد من ذلك شيئاً فليقل: آمنت بالله" (رواه مسلم) ، ومن المعلوم أنّ الإيمان به تعالى هو ركن الإيمان الأول بالغيب, ومنه ينطلق الإيمان ببقية الأركان, فالتأكيد عليه بالنطق كذلك تذكير بالله تعالى وطرد للشيطان.
الأمر الرابع: الالتجاء إلى الله تعالى بالدعاء, وطلب تثبيت القلب على الإيمان. ولذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم كثيراً ما يدعو فيقول: "يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك"وكان يقول أيضاً: "إنّ الإيمان يبلى في جوف أحدكم كما يبلى الثوب؛فاسألوا الله أن يجدد إيمانكم".
الأمر السادس: إذا استمرت الوساوس, فما عليه إلا أن يردَّ ما يُشكل عليه ويؤرقه, ويكدر صفو اعتقاده بربه ويزعزعه إلى أهل العلم, لقول الله تعالى: (فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ ).
وأما الوسوسة في العبادات فهو أمر يوقع فيه الشيطان بعض الناس فيأتيهم في الصلاة مثلا فيخيل إليهم أنهم قد أحدثوا أو أن الواحد منهم صلى ثلاثا بدلا من أربع ركعات...وكأن يأتي العبد بعد الفراغ من الوضؤ فيوسوس له أنه لم يمسح رأسه ،أو لم يغسل العضو كما ينبغي...
وعلاج هذا النوع أساسا بعدم الالتفات له خصوصا إذا صار عادة للشخص،وقد دل على هذا العلاج خير البشر صلى الله عليه وسلم حين قال: "إن الشيطان يأتي أحدكم وهو في صلاته حتى يفتح مقعدته فيخيل إليه أنه أحدث.ولم يحدث،فإذا وجد أحدكم ذلك فلا ينصرف حتى يسمع صوت ذلك بأذنه أو يجد ريح ذلك بأنفه"(رواه الهيثمي في المجمع، وقال:رجاله رجال الصحيح).
وعلى من ابتلي بهذا الداء أن يستعين بكثرة الذكر؛فإنه لا سلطان للشيطان على الذاكر،وعليه أيضا أن يكثر من الدعاء والتضرع إلى الله ليصرف عنه ما يجد ، وليستعن بأهل الاختصاص من الأطباء.عافانا الله وإياكم والمسلمين من كل داء وبلاء ،ورد كيد الشيطان إلى نحره، والحمد لله رب العالمين.
__________________
*اللهم اسالك ان تحشرني في زمرة المساكين و مرافقة سيد المرسلين
*اللهم اسقني بعد مرارة الصبر سلسبيل المغفرة و اقر عيني بعد وحشة الدنيا بلذة النظر الى وجهك الكريم
*اللهم اسالك باسمك الاعظم الذي اذا دعيت به اجبت ان تقبض روحي و هي في شرف السجود لك .